التاريخ يكتبه المُنتصرون، مقولة ربما جاءت صحيحة في كثير من الأحيان، لكن ذاكرة الشعوب أقوى من أن يعبث بها العابثون، فبعد عقد أو عقود تتغير مفاهيم وتظهر حقائق ربما غيرت مجرى التاريخ؛ فأطمرت أشخاص وأظهرت آخرين، وإليكم ما حدث للسلطان محمد بن عرفة الذي حكم المغرب لعامين فقط منذ عام 1953م وحتى 1955م. ولد محمد بن عرفة بن محمد بن عبد الرحمان في فاس عام 1886م، وهو ينتمي إلى الأسرة العلوية الحاكمة في المغرب، أمضى بن عرفة حياته الأولى في تحصيل العلوم الدينية، وعندما توفي والده ترك له ثروة وممتلكات زراعية كبيرة، فأصبح بن عرفة يقضي وقته ما بين مباشرة ممتلكاته وبين الصلاة والعبادة.
وفي عام 1912م أجبرت فرنسا السلطان (عبد الحفيظ) سلطان المغرب على توقيع معاهدة الحماية الفرنسية على المغرب، فثار الأهالي في فاس وقتلوا العديد من الأجانب، فبعثت فرنسا بالجنـــرال ليوتي "Lyautey" لإخماد الثورة، فقام هذا الأخير بخلع السلطان عبد الحفيظ وتولية شقيقه المــولى (يوسـف) خلفاً له، وفي عام 1927م توفي المولى يوسف وكان من المفترض أن يخلفه ولي عهده وأكبر أبناءه، إلا أن فرنسا تدخلت ليتولى الحكم ابنه الثالث محمد بن يوسف (محمد الخامس) والذي لم يكن مؤهلاً للحكم، إذ لم يكن عمره آنذاك قد تعدى الثامنة عشرة، وأجبر أولو الأمر والعلماء على مبايعته بالرغم من مُخالفه ذلك لما هو متبع في تولية سلطان البلاد.
أما محمد الخامس فقد ساير السياسة الفرنسية في بداية حكمه، فصادق عام 1930م على الظهير البربري (أمر سلطاني) الذي حد من سلطته وأحدث شرخاً في الجسد المغربي بتقسيمه السكان إلى عرب وبربر، الأمر الذي ووجه بغضب الكثيرين، وفي عام 1939م اندلعت الحرب العالمية الثانية فما كان من السلطان أن أصدر أمراً بمشاركة الجنود المغاربة في الحرب إلى جانب فرنسا، فلما استسلمت فرنسا للألمان في عام 1940م أبدى السلطان تأثره وحزنه الشديد واستمر على ولائه لها؛ مُضيعاً على نفسه وشعبه فرصة التخلص من سيطرتها؛ ربما كان السلطان يرمي بهذا التصرف حصول شعبه على ثمن وقوفه بجانب فرنسا كما صرح هو بنفسه عقب انتهاء الحرب وانتصار الحلفاء. أما عن مكافأة فرنسا للمغاربة فكانت توشيح السلطان وسام (رفقاء التحرير) بباريس عام 1945م، ليكون هذا الوسام هو كل ما دفعته فرنسا ثمناً لدماء المـغاربة التي سـالت من أجلها.
بعد أن ضاق السلطان بتصرفات فرنسا توجه في 9/4/1947م إلى مدينة طنجة الواقعة تحت الإدارة الدولية باعتبارها جزء من سلطنته وألقى بها خطاباً طالب فيه بحق المغرب في الاستقلال والانضمام لجامعة الدول العربية، وعلى الفور بدأت فرنسا في تشديد قبضتها على السلطان لتقويض حركته، بعد أن أصبحت تصرفاته تهدد وجودها في المغرب؛ حتى إذا ما جاء عام 1953م إلا وكانت الأمور قد تأزمت بين سلطات الحماية والسلطان بعد أن رفض التوقيع على بعض مراسيم سلطات الحماية، ناهيك عن تواطؤ بعض الباشاوات وعلى رأسهم (تهامي الجلاوي) باشا مراكش مع السلطات ضد السلطان الذي رأوا أنه خرج عن صميم العادات المغربية وسمح لبناته على حد قولهم – بالسفور- والتعليم في المدارس الأجنبية؛ الأمر الذي أدي في النهاية إلى عزل السلطان في20/8/1953م ونفيه إلى جزيرة مدغشقر، ومبايعة محمد بن عرفة خلفاً له باعتباره أحد أفراد الأسرة الحاكمة فضلا عن تدينه وعدم انفتاحه على الغرب مثل محمد الخامس.
عقب نفي السلطان أضفى عليه البعض شئ من القداسة وروجوا أن صورته قد ظهرت في القمر، فضلاً عن اتهامهم لابن عرفة بالخيانة
وفي عام 1912م أجبرت فرنسا السلطان (عبد الحفيظ) سلطان المغرب على توقيع معاهدة الحماية الفرنسية على المغرب، فثار الأهالي في فاس وقتلوا العديد من الأجانب، فبعثت فرنسا بالجنـــرال ليوتي "Lyautey" لإخماد الثورة، فقام هذا الأخير بخلع السلطان عبد الحفيظ وتولية شقيقه المــولى (يوسـف) خلفاً له، وفي عام 1927م توفي المولى يوسف وكان من المفترض أن يخلفه ولي عهده وأكبر أبناءه، إلا أن فرنسا تدخلت ليتولى الحكم ابنه الثالث محمد بن يوسف (محمد الخامس) والذي لم يكن مؤهلاً للحكم، إذ لم يكن عمره آنذاك قد تعدى الثامنة عشرة، وأجبر أولو الأمر والعلماء على مبايعته بالرغم من مُخالفه ذلك لما هو متبع في تولية سلطان البلاد.
أما محمد الخامس فقد ساير السياسة الفرنسية في بداية حكمه، فصادق عام 1930م على الظهير البربري (أمر سلطاني) الذي حد من سلطته وأحدث شرخاً في الجسد المغربي بتقسيمه السكان إلى عرب وبربر، الأمر الذي ووجه بغضب الكثيرين، وفي عام 1939م اندلعت الحرب العالمية الثانية فما كان من السلطان أن أصدر أمراً بمشاركة الجنود المغاربة في الحرب إلى جانب فرنسا، فلما استسلمت فرنسا للألمان في عام 1940م أبدى السلطان تأثره وحزنه الشديد واستمر على ولائه لها؛ مُضيعاً على نفسه وشعبه فرصة التخلص من سيطرتها؛ ربما كان السلطان يرمي بهذا التصرف حصول شعبه على ثمن وقوفه بجانب فرنسا كما صرح هو بنفسه عقب انتهاء الحرب وانتصار الحلفاء. أما عن مكافأة فرنسا للمغاربة فكانت توشيح السلطان وسام (رفقاء التحرير) بباريس عام 1945م، ليكون هذا الوسام هو كل ما دفعته فرنسا ثمناً لدماء المـغاربة التي سـالت من أجلها.
بعد أن ضاق السلطان بتصرفات فرنسا توجه في 9/4/1947م إلى مدينة طنجة الواقعة تحت الإدارة الدولية باعتبارها جزء من سلطنته وألقى بها خطاباً طالب فيه بحق المغرب في الاستقلال والانضمام لجامعة الدول العربية، وعلى الفور بدأت فرنسا في تشديد قبضتها على السلطان لتقويض حركته، بعد أن أصبحت تصرفاته تهدد وجودها في المغرب؛ حتى إذا ما جاء عام 1953م إلا وكانت الأمور قد تأزمت بين سلطات الحماية والسلطان بعد أن رفض التوقيع على بعض مراسيم سلطات الحماية، ناهيك عن تواطؤ بعض الباشاوات وعلى رأسهم (تهامي الجلاوي) باشا مراكش مع السلطات ضد السلطان الذي رأوا أنه خرج عن صميم العادات المغربية وسمح لبناته على حد قولهم – بالسفور- والتعليم في المدارس الأجنبية؛ الأمر الذي أدي في النهاية إلى عزل السلطان في20/8/1953م ونفيه إلى جزيرة مدغشقر، ومبايعة محمد بن عرفة خلفاً له باعتباره أحد أفراد الأسرة الحاكمة فضلا عن تدينه وعدم انفتاحه على الغرب مثل محمد الخامس.
عقب نفي السلطان أضفى عليه البعض شئ من القداسة وروجوا أن صورته قد ظهرت في القمر، فضلاً عن اتهامهم لابن عرفة بالخيانة